تعريفه :
الإجماع لغة : العزم والاتفاق .واصطلاحاً : اتفاق مجتهدي هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم على حكم شرعي .فخرج بقولنا : " اتفاق " : وجود خلاف ، ولو من واحد ؛ فلا ينعقد معه الإجماع .وخرج بقولنا " مجتهدي " : العوام والمقلدون ؛ فلا يعتبر وفاقهم ولا خلافهم .وخرج بقولنا : " هذه الأمة " إجماع غيرها ؛ فلا يعتبر . وخرج بقولنا : " بعد النبي صلى الله عليه وسلم " : اتفاقهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا يعتبر إجماعاً من حيث كونه دليلاً ، لأن الدليل حصل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، من قول أو فعل أو تقرير ، ولذلك إذا قال الصحابي كنا نفعل ، أو كانوا يفعلون كذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، كان مرفوعاً حكماً ، لا نقلاً للإجماع .وخرج بقولنا : " على حكم شرعي " : اتفاقهم على حكم عقلي أو عادي ، فلا مدخل له هنا ؛ إذ البحث في الإجماع كدليل من أدلة الشرع . والإجماع حجة لأدلة ، منها :1 – قوله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ) .فقوله : ( شهداء على الناس ) يشمل الشهادة على أعمالهم ، وعلى أحكام أعمالهم ، والشهيد قوله مقبول .2- قوله تعالى : ( فإن تنازعتم في شيء ) : دل على أن ما اتفقوا عليه حق . 3- قوله صلى الله عليه وسلم : " لا تجتمع أمتي على ضلالة " .4- أن نقول : إجماع الأمة على شيء إما أن يكون حقّاً وإما أن يكون باطلاً ، فإن كان حقّاً فهو حجة ، وإن كان باطلاً ، فكيف يجوز أن تجمع هذه الأمة التي هي أكرم الأمم على الله منذ عهد نبيها إلى قيام الساعة على أمر باطل لا يرضى به الله ؟ ! هذا من أكبر المحال .الإجماع نوعان : قطعي ، وظني .
1- فالقطعي : ما يعلم وقوعه من الأمة بالضرورة ، كالإجماع على وجوب الصلوات الخمس ، وتحريم الزنى ، وهذا النوع لا أحد ينكر ثبوته ، ولا كونه حجة ، ويكفر مخالفة إذا كان ممن لا يجهله .
2- والظني : ما لا يعلم إلا بالتتبع والاستقراء ، وقد اختلف العلماء في إمكان ثبوته ، وأرجح الأقوال في ذلك رأي شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في العقيدة الواسطية : " والإجماع الذي ينضبط ما كان عليه السلف الصالح ، إذ بعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة " . أهـ .
واعلم أن الأمة لا يمكن أن تجمع على خلاف دليل صحيح صريح غير منسوخ ؛ فإنها لا تجمع إلا على حق ، وإذا رأيت إجماعاً تظنه مخالفاً لذلك ، فانظر : فإما أن يكون الدليل غير صريح ، أو غير صحيح ، أو منسوخاً ، أو في المسألة خلاف لم تعلمه .
للإجماع شروط منها :
1- أن يثبت بطريق صحيح بأن يكون إما مشهوراً بين العلماء ، أو ناقله ثقة واسع الاطلاع .
2- ألا يسبقه خلاف مستقر ، فإن سبقه ذلك : فلا إجماع ؛ لأن الأقوال لا تبطل بموت قائليها .
فالإجماع لا يرفع الخلاف السابق ، وإنما يمنع من حدوث خلاف .
هذا هو القول الراجح ، لقوة مأخذه .
وقيل : لا يشترط ذلك ، فيصح أن ينعقد في العصر الثاني على أحد الأقوال السابقة ، ويكون حجة على من بعده .
ولا يشترط ـ على رأي الجمهور ـ انقراض عصر المجمعين ؛ فينعقد الإجماع من أهله بمجرد اتفاقهم ، ولا يجوز لهم ولا لغيرهم مخالفته بعد ، لأن الأدلة على أن الإجماع حجة ليس فيها اشتراط انقراض العصر ، ولأن الإجماع حصل ساعة اتفاقهم ، فما الذي يرفعه ؟
وقيل : يكون حجة لا إجماعاً ، وقيل : ليس بإجماع ولا حجة ، وقيل : إن انقرضوا قبل الإنكار فهو إجماع ، لأن استمرار سكوتهم إلى الانقراض ، مع قدرتهم على الإنكار : دليل على موافقتهم ، وهذا أقرب الأقوال .
" الأصول من علم الأصول " ( 62 – 64 ) .
أنواع الإجماع :
شروط الإجماع :
وإذا قال بعض المجتهدين قولاً أو فعل فعلاً واشتهر ذلك بين أهل الاجتهاد ، ولم ينكروه مع قدرتهم على الإنكار ، فقيل : يكون إجماعاً .
والله أعلم .
0 التعليقات:
إرسال تعليق